الجمعة، 25 فبراير 2011

ماذا يحدث الآن في مصر


  • أولا..أنا لست من الناس التي تشعر بنظرية المؤامرة و لا تحب الإستغراق بها, لكن ما يحدث الآن في مصر هو بكل المقاييس مؤامرة مشترك فيها عدة جهات, أولها الجيش ثم الحكومة, و الإعلام الحكومي و أخيرا..أذناب النظام القديم.
    و قبل سرد تفاصيل المؤامرة, دعنا نسأل سؤال مهم..من يحكم مصر الآن...ببساطة مصر الآن يحكمها الجناح العسكري و الذي يقوم بمهام رأس الدولة و يمثل الجناح العسكري المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوي الذي هو من رجال مبارك المخلصين, و بعضوية عدد من السادة الضباط, الذين هم –برغم كفاءتهم- فهم ايضا يدينون ولو بقليل من الولاء تجاه الرئيس السابق, خاصة أنه يمثل أيضا قيمة عسكرية كبيرة.
    و الطرف الآخر الذي يحكم مصر هو الجناح السياسي الذي أيضا يترأسه أحد أنجب تلاميذ مبارك و هو الفريق أحمد شفيق. و بوجود هؤلاء الرجال على رأس الدولة, ليس له إلا معنى واحد فقط, ألا وهو أن الرئيس المخلوع ما زال مؤثرا و بقوة في المشهد السياسي المصري

    و إذا كنت تعتقد إني مخطيء أو مبالغ فيما أقول, أرجوك أجبني عن الأسئلة التالية:
    - لماذا لم يتم تقديم من يسموا بالحرس القديم و هم المعروفون جميعا فتحي سرور و صفوت الشريف و زكريا عزمي و مفيد شهاب و حتى الآن للمحاكمة أو التحقيق؟
    - لماذا لا يوجد أي تغطية إعلامية أو حتى مقطع فيديو مسرب عن محاكمة حبيب العادلي أو مقابلة مباشرة معه حتى الآن؟ و لماذا كل التهم الموجهة للعادلي إدارية و مالية و ليست أمنية أو حتى جرائم حرب؟!
    - لماذا لم يتم توجيه أي تهم لرجال الأعمال مقربين من مبارك أمثال مجدي راسخ و منير ثابت و حسين سالم؟

    الإجابة ببساطة لكل ما سبق هي (مبارك). أي إجابة منطقية لما سبق ستعني بلا شك إدانة مباشرة لمبارك و عائلته.. و هذا ضد رغبة الجيش الذي وعد الرئيس السابق بخروج آمن, و صراحة أنا كنت من المؤيدين لفكرة الخروج الآمن بداية و لكني تراجعت عندما وجدت أن الرئيس لن يكف عن التدخل في شئون الدولة و توجيهها الى ما يراه هو و نظامه السابق فيه حماية للبقية الباقية من عمره و كرامته, و ربما أيضا ثروته.
    لكن ما لم يحسبه الرئيس السابق هو الضغط الشعبي الذي لم تنطلي عليه تلك المناورات, و يواصل التظاهر و الضغط حتى محاسبة مبارك و كل رجال نظامه. كذلك الجانب القضائي و النيابي الذي لن يتردد في تنفيذ القانون على كل من يخطيء, كذلك الدعم الدولي المتمثل في المؤسسات المالية العالمية التي لن تتورع عن فضح ثروات مبارك و حاشيته بل و تجميدها

    إذن, ما يحدث الآن هو منحنى خطر للدولة و حاكمها العسكري, الذي هو بين خيارين كلاهما مر .فهو إما يحافظ على وعده للرئيس بالخروج الآمن, و محاولة حماية الرئيس عن طريق تشتيت الإنتباه بقضايا الإصلاح و عودة الإستقرار, و لكن هذا سيضعه على المحك مع الشعب الذي سيفقد ثقته بالجيش و بالتالي قد يحدث صدام أقوى مما سبق مع الشرطة, أو خيار آخر ان يسمع صوت الشعب و العقل و يخضع للقانون و الضمير العام و يضع مبارك و كل من يتبعه قيد التحقيق و المحاكمة إن إقتضى الأمر, و لكن المشكلة أن هذا سيفتح جميع الأوراق و الملفات السوداء لكل قيادات و رجال أعمال النظام السابق, و قد تطال بعض من قيادات الجيش نفسه, عندها قد تحدث ثورة أكبر و فوضى أكبر عندما تنكشف كل الأوراق.

    إذن ما الحل؟ الحل هو استمرار الضغوط الشعبية لإسقاط النظام و حاشيته و أذنابه مهما تكن العواقب. قد نظل بضع شهور أو سنين نعاني من عدم استقرار و فوضى جزئية مما سينتج عن محاكمة الرئيس و كافة عناصر نظامه, ولكن هذا بدون شك سيفتح صفحة جديدة حقيقية في تاريخ مصر بلا أي شوائب او رواسب من نظام فاسد مستبد

    و الى من يريدون وقف الثورة  بدعوى عودة الحياة الى طبيعتها أقول: هل لمستم تغييرا حقيقيا في السياسة المصرية؟ أشك في ذلك. و الدلائل عدة مثل: على أي أساس تم تعيين حسين مجاور و منير فخري و الإبقاء على ممدوح مرعي و أحمد أبو الغيط بالوزارة الجديدة؟؟ لماذا لم يتم الإستعانة بكوادر معارضة حقيقية لا يختلف عليها العامة أمثال أسامة الغزالي و حمدين صباحي أو حتى مصطفى الفقي؟ ثم هل كان هناك أي استشارة للقوى الوطنية في تشكيل الوزارة الجديدة؟ أم إنهم ما زالوا متمسكين بالمدرسة القديمة و هي أن يتعاملوا مع الشعب كالقطيع الذي لا يجب أن يتدخل في صناعة أي قرار سياسي و بالتالي لن يملك من أمره شيء؟
    الخلاصة أنه يخطيء من يظن ان الثورة إنتهت أو الأمور هدأت. نحن مقبلون على فوضى سياسية و أمنية و قد إشتدت الحوادث الأمنية ليست فقط بدافع الغياب الأمني, و لكن لا نستبعد عامل السخط الشعبي, بالإضافة الى عناصر تشيع الفوضى لتحقيق استفادة شخصية. فلتستمر اللجان الشعبية و الاعتصامات و الوقفات..فهي الضامن الوحيد لتنفيذ ما بدأه المصريون و حقق منه الكثير حتى الآن و لكنه ما زال بعيدا عن النصر.

      وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق