- أولا..أنا لست من الناس التي تشعر بنظرية المؤامرة و لا تحب الإستغراق بها, لكن ما يحدث الآن في مصر هو بكل المقاييس مؤامرة مشترك فيها عدة جهات, أولها الجيش ثم الحكومة, و الإعلام الحكومي و أخيرا..أذناب النظام القديم.و قبل سرد تفاصيل المؤامرة, دعنا نسأل سؤال مهم..من يحكم مصر الآن...ببساطة مصر الآن يحكمها الجناح العسكري و الذي يقوم بمهام رأس الدولة و يمثل الجناح العسكري المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوي الذي هو من رجال مبارك المخلصين, و بعضوية عدد من السادة الضباط, الذين هم –برغم كفاءتهم- فهم ايضا يدينون ولو بقليل من الولاء تجاه الرئيس السابق, خاصة أنه يمثل أيضا قيمة عسكرية كبيرة.و الطرف الآخر الذي يحكم مصر هو الجناح السياسي الذي أيضا يترأسه أحد أنجب تلاميذ مبارك و هو الفريق أحمد شفيق. و بوجود هؤلاء الرجال على رأس الدولة, ليس له إلا معنى واحد فقط, ألا وهو أن الرئيس المخلوع ما زال مؤثرا و بقوة في المشهد السياسي المصري
و إذا كنت تعتقد إني مخطيء أو مبالغ فيما أقول, أرجوك أجبني عن الأسئلة التالية:- لماذا لم يتم تقديم من يسموا بالحرس القديم و هم المعروفون جميعا فتحي سرور و صفوت الشريف و زكريا عزمي و مفيد شهاب و حتى الآن للمحاكمة أو التحقيق؟- لماذا لا يوجد أي تغطية إعلامية أو حتى مقطع فيديو مسرب عن محاكمة حبيب العادلي أو مقابلة مباشرة معه حتى الآن؟ و لماذا كل التهم الموجهة للعادلي إدارية و مالية و ليست أمنية أو حتى جرائم حرب؟!- لماذا لم يتم توجيه أي تهم لرجال الأعمال مقربين من مبارك أمثال مجدي راسخ و منير ثابت و حسين سالم؟
الإجابة ببساطة لكل ما سبق هي (مبارك). أي إجابة منطقية لما سبق ستعني بلا شك إدانة مباشرة لمبارك و عائلته.. و هذا ضد رغبة الجيش الذي وعد الرئيس السابق بخروج آمن, و صراحة أنا كنت من المؤيدين لفكرة الخروج الآمن بداية و لكني تراجعت عندما وجدت أن الرئيس لن يكف عن التدخل في شئون الدولة و توجيهها الى ما يراه هو و نظامه السابق فيه حماية للبقية الباقية من عمره و كرامته, و ربما أيضا ثروته.لكن ما لم يحسبه الرئيس السابق هو الضغط الشعبي الذي لم تنطلي عليه تلك المناورات, و يواصل التظاهر و الضغط حتى محاسبة مبارك و كل رجال نظامه. كذلك الجانب القضائي و النيابي الذي لن يتردد في تنفيذ القانون على كل من يخطيء, كذلك الدعم الدولي المتمثل في المؤسسات المالية العالمية التي لن تتورع عن فضح ثروات مبارك و حاشيته بل و تجميدها
إذن, ما يحدث الآن هو منحنى خطر للدولة و حاكمها العسكري, الذي هو بين خيارين كلاهما مر .فهو إما يحافظ على وعده للرئيس بالخروج الآمن, و محاولة حماية الرئيس عن طريق تشتيت الإنتباه بقضايا الإصلاح و عودة الإستقرار, و لكن هذا سيضعه على المحك مع الشعب الذي سيفقد ثقته بالجيش و بالتالي قد يحدث صدام أقوى مما سبق مع الشرطة, أو خيار آخر ان يسمع صوت الشعب و العقل و يخضع للقانون و الضمير العام و يضع مبارك و كل من يتبعه قيد التحقيق و المحاكمة إن إقتضى الأمر, و لكن المشكلة أن هذا سيفتح جميع الأوراق و الملفات السوداء لكل قيادات و رجال أعمال النظام السابق, و قد تطال بعض من قيادات الجيش نفسه, عندها قد تحدث ثورة أكبر و فوضى أكبر عندما تنكشف كل الأوراق.
إذن ما الحل؟ الحل هو استمرار الضغوط الشعبية لإسقاط النظام و حاشيته و أذنابه مهما تكن العواقب. قد نظل بضع شهور أو سنين نعاني من عدم استقرار و فوضى جزئية مما سينتج عن محاكمة الرئيس و كافة عناصر نظامه, ولكن هذا بدون شك سيفتح صفحة جديدة حقيقية في تاريخ مصر بلا أي شوائب او رواسب من نظام فاسد مستبد
و الى من يريدون وقف الثورة بدعوى عودة الحياة الى طبيعتها أقول: هل لمستم تغييرا حقيقيا في السياسة المصرية؟ أشك في ذلك. و الدلائل عدة مثل: على أي أساس تم تعيين حسين مجاور و منير فخري و الإبقاء على ممدوح مرعي و أحمد أبو الغيط بالوزارة الجديدة؟؟ لماذا لم يتم الإستعانة بكوادر معارضة حقيقية لا يختلف عليها العامة أمثال أسامة الغزالي و حمدين صباحي أو حتى مصطفى الفقي؟ ثم هل كان هناك أي استشارة للقوى الوطنية في تشكيل الوزارة الجديدة؟ أم إنهم ما زالوا متمسكين بالمدرسة القديمة و هي أن يتعاملوا مع الشعب كالقطيع الذي لا يجب أن يتدخل في صناعة أي قرار سياسي و بالتالي لن يملك من أمره شيء؟الخلاصة أنه يخطيء من يظن ان الثورة إنتهت أو الأمور هدأت. نحن مقبلون على فوضى سياسية و أمنية و قد إشتدت الحوادث الأمنية ليست فقط بدافع الغياب الأمني, و لكن لا نستبعد عامل السخط الشعبي, بالإضافة الى عناصر تشيع الفوضى لتحقيق استفادة شخصية. فلتستمر اللجان الشعبية و الاعتصامات و الوقفات..فهي الضامن الوحيد لتنفيذ ما بدأه المصريون و حقق منه الكثير حتى الآن و لكنه ما زال بعيدا عن النصر.
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"
الجمعة، 25 فبراير 2011
ماذا يحدث الآن في مصر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق