السبت، 19 مارس 2011

حـديـث الـذات


لا أصدق...مالي أجلس هكذا كالـّـكـَم المهمل..لا يتحدث إليَّ أحد..و لا يهتم لوجودي أحد..
مالي لا أرى إسمي يتصدر صفحات الجرائد...أو صورتي تزين كل صفحة..كل شارع..كل شيء..
ما بال خادمي الأمس قد أصبحوا بعيدين كل البعد عني...و مالهم التفوا حول آخر لموالسته و مداهنته..لعبادته..
ألم أكن انا يوما الفخر ذاته لكل من عرفني أو حتى صافحني...مالي أصبحت خِـزياً و عاراً على كل ما ينتسب إليّ!
مالي لا أعمل شيئا ذات قيمة.. لا أقابل كبار القوم..لا أتخذ القرارات التي تحدد المصائر...مالي اجلس هنا في حالتي الرثة..و بالرغم من معيشتي في قصر تملكته و لم أمتلكه..و بالرغم من التمتع برغد العيش من مال كسبته و لم أستحقه...لكني أجد في كل ذلك برودة كبرودة القبر..و وحشة كوحدة المحبس...و عزلة كمريض الجـُذام.
كم أنا أحمق..لقد ملكت كل شيء..ملكت عنان السماء فنزلت به الى الأرض..و ملكت حب الناس فحـوَّلته الى بغض عميق..ملكت الشرف و الفخر و المال..و لم أكتف..فضاع كل شيء...و كيف لم أرى كل تلك العلامات على الطريق!..كيف لم أتعظ من حفيد مات في مقتبل عمره..أو زعيم ثاروا عليه رعيته..أو غني زال عنه ماله و ما كسب..فيا لحمقي الذي فاق الخيال..
و ها أنا كمـَّـاً مهملاً ذو جسد ضعيف لا يقوى, و شرف ممحو لا يرقى, و لا أترك من عمل الدنيا إلا كل عار يلحق بأبنائي و أحفادي...الندم لا يقارن بما أشعر به الآن..لا أجد في مفردات اللغة ما يصف حالي..أو يصف نظراتهم إلي...أو يصف ما سأقوله أمام رب تناسيت وجوده و ها أنا على وشك مقابلته..فيا لحمقي..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق